الروائي والقاص الكبير زيد مطيع دماج في ذكراه السابعة

د.عبد العزيز المقالح

معذرة إليه أو بالأحرى إلى روحه الطاهرة المحلقة في السماوات العلى فقد تأخر الحديث عن ذكراه السابعة التي مضى عليها أكثر من ثلاثة أسابيع لأسباب خارجة عن الإرادة ومنها استمرار الانشغال بأحدث راحل عن عالم الإبداع هو الشاعر الكبير محمد حسين هيثم ، لقد أعاد رحيل هذا المبدع ما دعته الذاكرة عن قول الشاعر العربي القديم " وأصبح في شغلٍ عن السَفرِ السفرُ" ، وإن كان لا يشغلنا أو يشغل الساحة الأدبية شيء عن زيد الحاضر في القلوب وفي الحياة الأدبية والذي لا تحجبه مناسبة ولا يشعر أصدقاؤه بغيابه مهما طال. ويكفي أن الأيام القليلة الماضية حملت عنه بشرى ترجمة روايته "الرهينة" إلى اللغة الإيطالية .

وخبر كهذا حملته إلى صنعاء الدكتورة "إيزابيلا كاميرا دافليتو" أستاذة الأدب العربي في الجامعة الشرقية بـ "نابولي" وجامعة الدراسات بـ "روما".

لا يؤكد حضور زيد في وطنه وفي حياتنا الأدبية فحسب بل يؤكد كذلك حضوره في الحياة الأدبية على مستوى العالم من خلال الاهتمام بالرهينة وبأعماله القصصية المتميزة التي بدأت تأخذ طريقها إلى الترجمة في أكثر من لغة ، فضلاً عن تحويلها في بعض الأقطار العربية إلى مسلسلات درامية تلفزيونية وإذاعية نظراً لما يحمله مضمونها الحي من خصوصية محلية قلَّ أن تتمثلها أعمال مبدع يماني آخر، حسب ما يذهب إلى ذلك عدد من النقاد العرب الذين تناولوا هذه الأعمال بالنقد والتحليل .

لقد رحل زيد وهو في أوج عطائه الإبداعي ، وترك مشاريع روائية وقصصية لم تكتمل . وكان في مقاومته للمرض الخبيث الذي أنشب أظافره في جسده النحيل مثالاً رائعاً للصبر والاحتمال. والمدهش أنه لم يتوقف عن الكتابة ولا اختفت ابتسامته ولا توقفت نكتته الطريفة . وفي الزيارة قبل الأخيرة وقبل سفر زيد للعلاج الأخير في لندن ذهبت إليه مع الصديق محمد عبدالسلام منصور وبرفقتنا الناقد الكبير جابر عصفور ، الذي آلمته معاناة زيد وفي الوقت ذاته خرج من تلك الزيارة مندهشاً من صلابته وارتفاع مستوى إيمانه ورؤيته للموت بوصفه قدراً محتوماً لا مفر منه، وأنه بوابة واسعة إلى الراحة الأبدية لا من المرض والمواجع الجسدية وإنما من المواجع والأمراض النفسية التي يسببها بعض الحاقدين وصغار الكتبة ممن لا يملكون ضميراً ولا يتمتعون بأية موهبة سوى موهبة الإيذاء التي تجيدها الحشرات ويترفع عنها البشر الأسوياء من مبدعين وغير مبدعين . وفي قصصه الأخيرة يتجلى هذا الهم ويغدو محوراً رئيسياً ابتداء من قصة ( العقرب ) التي حملت عنوانها مجموعته الثانية .

وبالمناسبة فإن الصفحة يسعدها أن تستضيف قصيدة رائعة بعنوان (زيد) أهداها الشاعر الدكتور عبدالكريم قاسم دماج إلى صديقه ووالده الروحي زيد مطيع دماج في ذكراه .

والمتابع للقصائد التي ينشرها طبيب القلب الشاعر الدكتور عبدالكريم يدرك أن هذا المبدع الطبيب يثبت يوماً بعد يوم أنه في طليعة شعراء هذا الوطن استيعاباً لمفهوم الشعر وإدراكاً لقيمته الجمالية . والقصيدة المنشورة هنا لا تشير إلى العلاقة الروحية التي جمعت بين الدكتور عبدالكريم وزيد فحسب بل تشير كذلك إلى امتلاك هذا المبدع الطبيب لما يسمى في الكتابة الشعرية بالنـزعة الملحمية.


Back to Home Page