شـؤون وشجـون عن زيـد دماج
يوليو 2009 |
كنت قبل حضوري إلى اليمن أسمع عن زيد مطيع دماج كقصصي يمني متميز. وأعترف أننا في الواقع لم يكن يتاح لنا الإطلاع على الأدب اليمني إلا في النادر. ومع أنني قرأت عن أدب زيد دماج في المجلات الأدبية العربية، لكن سمة ذلك الأدب ظلت غامضة في ذهني. ثم شاءت ظروف حياتي أن أتخذ من اليمن وطناً ثانياً. وأعترف أن مثل هذا الأمر لم يكن يخطر لي على بال. كان يمكن أن أفكر مثلاً في الإقامة في مصر أو سورية أو لبنان أو أحد أقطار المغرب العربي، أما اليمن فكان يمثل في ذهن البعيدين عنه بلداً غير جذاب. صحيح أن اليونانيين أطلقوا عليه اسم "اليمن السعيد"، وصحيح أننا قرأنا في كتبنا المدرسية أن أجدادنا العرب الذين عَمَّروا في القرون السالفة بلاد الشام والعراق، وحتى بعض بلدان المغرب، قد وفدوا من تلك البقعة من جزيرة العرب، فنحن بالتالي ندين لليمن بالشيء الكثير؛ ولكن ذلك شأن من شؤون الماضي. أما في الزمن الحاضر فيتحدث المتحدثون عنه بأنه بلد العزلة، وأنه لم يحاول اللحاق بعد بركب الحضارة الحديثة، وأن الحكم فيه ظل لعقود طويلة حكماً دينياً متزمتاً لا يعترف بالتقدم الحضاري. وحتى بعد سقوط ذلك الحكم ظل اليمن في مهب الريح، يصارع تيارات سياسية متناقضة ومتنافسة تحاول الانفلات من قبضة مشاكل معقدة لا تترك لها فرصة للأخذ بمعالم الحضارة الحديثة. تلك هي الفكرة التي كانت تستأثر بي وبأذهان الكثيرين من مثقفي العالم العربي عن اليمن. فكيف يتسنى لي الإطلاع على أوجه الثقافة فيه؟ ومع ذلك كانت تتردد على صفحات بعض المجلات العربية أسماء يمنية مضيئة، أغلبها من الشعراء. ولا شك أن اسمَيْ عبد العزيز المقالح وعبد الله البردوني كانا في مقدمة تلك الأسماء. وكانت أسماء ضئيلة من القصصيين تتردد أيضاً، وكان على رأسها محمد عبد الولي وزيد مطيع دماج. تلك هي خلاصة معرفتي بالأدب اليمني حينما قدمت إلى اليمن.
وباعتباري معنياً بالأدب القصصي فقد بحثت في المكتبات، منذ أيامي الأولى، عن الكتب القصصية. ولم أجد فيها فعلا ً، سوى كتب معدودة لمحمد عبد الولي وزيد مطيع دماج. كان ذلك في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي. فما أبعد الفرق بين الأمس واليوم! فالمكتبات اليمنية اليوم تزخر بالكتب الروائية والقصصية، لرجال ونساء يمنيين بعضهم استطاع أن يرتفع بمستوى القصة اليمنية إلى مراحل متقدمة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن اليمن قد فارق عزلته القديمة حقاً، وأنه قد التحق بركب الحضارة الحديثة فعلاً. ولقد كنت في الفترة المبكرة من حياتي في اليمن مهتماً بالبحث عن مؤلفات زيد مطيع دماج على نحو الخصوص. وقد تسألني أيها القارئ الكريم (ومن حقك طبعاً أن تسأل): "ولماذا كنت مهتماً على نحو الخصوص بمؤلفات زيد دماج وأنت لم تقرأ له من قبل؟ هل كلامك هذا نوع من المجاملة لصديقك ابنه الدكتور همدان زيد دماج؟" وهو سؤال وجيه في الواقع، ولكنه سؤال لا مبرر له؛ لأن المعروف عني أنني لا أعرف المجاملة في كل شؤون الحياة العادية، فما بالك بالأدب! وجوابي على هذا السؤال على أية حال أنني كنت يومذاك على صلة حميمة بالأديب المقتدر عبد الرحمن منيف، وما أن علم بتواجدي في اليمن حتى طلب مني أن أبحث له عن رواية لكاتب اسمه زيد مطيع دماج وعنوانها "الرهينة"، فقد قرأ عنها أنها من الروايات المهمة في الأدب العربي الحديث؛ لاحظ أيها القارئ الكريم أن عبد الرحمن منيف لم يكن قد قرأها أيضاً، لكنه سمع بها مما كتب عنها في المجلات العربية؛ والرجل معذور إن لم يكن قد قرأها مثلي، فقد كان يعيش يومذاك في باريس. ولقد عثرت على "الرهينة" بعد لأي، واشتريت نسختين منها، واحدة لي وأخرى له. وبالمناسبة، فإن العثور على مؤلفات زيد مطيع دماج في المكتبات ما يزال حتى اليوم معضلة محيرة. فقبل سنوات قليلة كتب إليّ صديق يعيش في ألمانيا أنه قد قرأ كتابات مشوقة باللغة الألمانية عن الكاتب اليمني زيد مطيع دماج، كما قرأ له رواية "الرهينة" مترجمة إلى اللغة الألمانية، وسألني أن أرسل له بقية مؤلفاته. وكان يعتقد أن طلبه هذا لن يكلفني أي جهد ما دمت أعيش في اليمن. وفعلاً بحثت له عن مؤلفات زيد مطيع دماج. أتدرون كم مؤلفاً من مؤلفات زيد وجدت؟! سؤال يمكن أن أجعل منه "فزورة"، لكنني لن أتعبك أيها القارئ الكريم في حل هذه "الفزورة" فأخبرك أني لم أعثر إلا على كتاب واحد، هو مجموعة "المدفع الأصفر"، واستحيت أن أخبر صديقي بذلك، لئلا يظن بي الظنون. وقلت في نفسي: "إن حل هذه المعضلة أمر يسير، وما عليّ إلا أن أطلب من صديقي الدكتور همدان أن يزودني بمجموعة من كتب والده وستكون بين يديّ خلال أيام قلائل". وكان صديقي ذاك قد استبطأ ردي، فبعث إليّ رسالة أخرى يستحثني فيها على إنجاز وعدي. وقصدت الدكتور همدان وحدثته عن رغبة صديقي، وصارحته باضطراري إلى مثل هذا الطلب، لنفاد كتب أبيه من المكتبات. فتأتأ وفأفأ، ثم قال لي إنه سيحاول إمدادي بمجموعة من كتب أبيه في أقرب وقت. ومضت الأيام من دون أن أحظى بكتب زيد دماج. ثم حمل إليّ الدكتور همدان أخيراً مجموعة قصصية واحدة، وقال لي ووجهه يحمّر خجلاً إنه عجز أيضاً عن العثور في السوق على كتب أبيه، سوى هذه المجموعة القصصية، وكانت بالطبع المجموعة نفسها التي اشتريتها. هذه هي قصتي مع مؤلفات زيد مطيع دماج، الكاتب اليمني المرموق. وهذه هي قصة اليمن مع كاتبها المتميز. فمنذ سنوات ونحن نسمع أن المسؤولين في وزارة الثقافة يعدّون العدة لإصدار المؤلفات الكاملة لزيد مطيع دماج، أو على الأقل المؤلفات التي غادرنا الفقيد إلى جنّة الخلد قبل أن يمهله الموت لنشرها. والله وحده يعلم متى ستصدر تلك المؤلفات. فهل تريد مني أيها القارئ الكريم أن أستمر في هذه الصراحة الموجعة؟ إن من الأفضل لي ولك أن أسكت، حتى لا أوجع قلبي وقلبك. وربما تولى واحد من القرّاء تذكيري بأن وزارة الثقافة كانت حفية به، فأفردت له قاعة في دار الكتب أطلقت عليها اسمه، فأسارع بالرد عليه بأن هذا الأمر لم يكن سوى جهد شخصي من صديقه وصديقي الأستاذ خالد الرويشان، وزير الثقافة يومذاك، والذي شمل برعايته الأدباء جميعاً، الشيوخ منهم والشباب، ولم تكن منّة حظي بها زيد دماج وحده. وقد يكون من المفيد أيها القارئ الكريم أن أذكّرك بأن الشعب اليمني والمسؤولين احتفوا بالملاكم اليمني الأصل والبريطاني الجنسية نسيم، لكونه حصل على بطولات عالمية عديدة في الملاكمة، وصدر له طابع بريديّ يحمل صورته. وأرجو ألاَّ يحمل كلامي هذا على محمل الغضّ من قدر هذا الملاكم المتفوق، فهو يستحق أيضاً كل تكريم. إلى هنا والسكوت عن المواجع يصبح ضرورياً. ورحم الله مؤلف "ألف ليلة وليلة" الذي كان يختم كل حكاية غريبة من حكاياته بالقول: "وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح"! وأعود إلى قصتي مع زيد دماج، فأقول إنني عرفت زيد دماج من خلال روايته "الرهينة" قبل أن أتشرف بمعرفته في الحياة الواقعية. والفضل في معرفته يعود لصديقه وصديقي العزيز الدكتور عبد العزيز المقالح (وبالمناسبة لعل أكثر من أخلص لزيد مطيع دماج في ميدان الأدب هو عبد العزيز المقالح؛ ولكن أيّ نابه في الأدب لم يخلص له عبد العزيز المقالح، وأنا واحد منهم؟) فهل تريدني أيها القارئ الكريم أن أحدثك عن زيد مطيع دماج الكاتب أم الإنسان؟! أنا أفضّل أن أحدثك عن زيد مطيع دماج الإنسان، الذي عرفته، فهناك الكثيرون بلا شك ممن سيتحدثون عن زيد دماج الكاتب، وبينهم من لم يتح لهم معرفته شخصياً، وربما تحدثوا عنه أفضل مني إن كانوا يحترفون النقد، فأنا بعد كل شيء لست بناقد. فدعني ـ إذن ـ أحدثك عن زيد دماج الإنسان! ولعلي أعرج في النهاية إلى الإدلاء برأيي فيه كقصصي، فنحن بعد كل شيء زميلان في ميدان القصة والرواية (أم لعلك أيها القارئ الكريم لم تسمع بي ككاتب قصصي وسمعت بي كأستاذ للجغرافيا في جامعة صنعاء تخرج على يديه اثنان من كبار قصاصي اليمن، هما محمد الغربي عمران ووجدي الأهدل، واللذين ربما لم يصرّحا بذلك يومًا تعففاً، أو تواضعاً، أو ماذا برأيك؟). زيد دماج، وما أدراك ما زيد دماج! إن الحديث عنه لتهشّ له النفس حقاً، ذلك لأنه يعني التحدث عن أطيب وأنبل وأرق إنسان. وهذا هو الكاتب الذي أُحبُّه. الكاتب الذي ينعكس قلبه في حروفه المطبوعة. فأنت إذا قرأت زيد دماج استطعت في الحال أن تتصور شخصيته. وأنا أدين بمعرفته إلى صديقه وصديقي الأعز عبد العزيز المقالح (وأحسب أن من حقي أن أصرّح نيابة عنه بأن عبد العزيز المقالح كان صديقه الأعز؛ فأنا واثق أن عبد العزيز المقالح كان من أقرب الناس إلى قلب زيد مطيع دماج، كما أن زيد دماج كان ولا يزال من أقرب الناس إلى قلب الدكتور عبد العزيز المقالح). وقد التقيت به لأول مرة في مقيل الدكتور عبد العزيز المقالح. ولا أتذكر أن الدكتور عبد العزيز المقالح قدّمَه لي في ذلك المقيل أو قدمني إليه (ولا تسلني أيها القارئ الكريم لماذا، والأفضل أن توجّه السؤال للمقالح نفسه). وأقول الحق إنه لم يلفت نظري في اللقاء الأول، فقد كان واحداً من الذين يزدحم بهم مقيل الدكتور عبد العزيز المقالح في مركز الدراسات والبحوث اليمني (يومذاك). ولم يكن كعادته دائماً يجلس على مقربة من مجلس المقالح (تخيلوا ذلك)، ثم إنه لم يعلق بشيء على ما ألقي من شعر ونثر(وبالمناسبة كان زيد قليل الكلام دائماً ولم يكن يتكلم إلا إذا سئل). وفي المقيل التالي ألقى على مسامعنا إحدى قصصه القصيرة الممتعة، وفي الحال لاحظت أن فيها نفساً تشيخوفياً، فأحببتها، فبيني وبين تشيخوف صداقة عمر ومحبة عميقة منذ عرفته، ولا عجب فهو أستاذي المبجل. وتساءلت بيني وبين نفسي: "من يكون هذا القاص المتميز؟". وهمست في أذن جاري: "من يكون هذا القاص؟". فأجابني باستغراب: "إنه زيد مطيع دماج. ألا تعرفه؟!". ومنذ ذلك اليوم صار زيد مطيع دماج من أحب الناس إلى قلبي ومن أقرب الناس إلى نفسي. وصرت أحضر مقيله كلما أتاح لي الوقت ذلك. وكشفت لي الأيام عن إنسان يفيض نبلاً ودماثةً وتواضعاً وطيبة وشجاعة... نعم، شجاعة؛ فلا شك أن زيد أثبت أنه من أشجع الناس قلباً وأثبتهم جناناً؛ فلقد ظل يسخر من أعتى عدوّ يرهب الإنسان ويفزعه، وهو السرطان، لسنين طويلة، وواجهه ببطولة نادرة، ولم يخشَ يوماً من سيفه المصلت على رقبته والذي يهدده بالموت في كل لحظة، فظل ينافح الظلم واللاعدالة والبطش حتى آخر يوم من حياته. ولقد ظل زيد حتى اليوم من الأشخاص القليلين الذين شكرت الله على أن أتاح لي معرفتهم. هذا إذن هو زيد دماج الإنسان. فهل تريدني أيها القارئ الكريم أن أحدثك عن أدب زيد دماج بعد أن حدثتك عن إنسانيته؟! أظنك في غنى عن أن أخوض في ذلك؛ فالحق أن الأدباء اليمنيين الذوّاقة لم يقصروا في ذلك، وقد كتبوا الكثير عن أدبه فعلاً. وذلك لا يعني بالطبع أنه ليس هناك ما يقال عنه بعد. وأنا أعتقد أنه سيقال عنه الكثير في المستقبل أيضاً. وخصوصاً إذا ما تيسر لكتبه غير المنشورة أن ترى النور. لكنني أستطيع القول أنه والمرحوم محمد عبد الولي هما الرائدان الحقيقيان للقصة اليمنية الناضجة. أقول هذا وأنا واثق أن بعض الكتّاب اليمنيين الجدد (لاحظ أيها القارئ الكريم أنني أقول "بعض"، ولم أقل "الكل"، سيقولون: الذي خلق محمد عبد الولي وزيد دماج قد خلق غيرهما). وينطبق على هذا القول المثل المعروف: "كلمة حق أُريد بها باطل" وللأسف أن من شيمنا نحن العرب أننا لا نعترف بغيرنا (هذا على جميع الأصعدة وليس على صعيد الأدب فحسب؛ فالتاريخ يبدأ بنا وينتهي بنا دائماً، أكنا كتّاباً أم سياسيين أم حرفيين، ولا قيمة عندنا للريادة). وأمثال هؤلاء المعترضين على قولي لم يسمعوا مثلاً أن جميع الكتّاب الروس، وعلى رأسهم العظام من أمثال تورغينيف وتولستوي وديستويفسكي وتشيخوف، يصرّحون دائماً بأن القصة الروسية قد خرجت من "معطف" غوغول (وقصة "المعطف" من أشهر قصص الكاتب الروسي الرائد غوغول)، كما يصّرح الشعراء الروس بأن الشعر الروسي قد خرج من بطون دواوين بوشكين (ولعلمك أيها القارئ الكريم أن قاعدة تمثال بوشكين في موسكو لا تخلو في أي يوم من أيام السنة من باقات الزهور، على الرغم من أنه قد مضى على وفاته أكثر من ثلاثة قرون). وليس هذا هو حال الروس تجاه أدبائهم الرواد فحسب، فهذا هو حال الانجليز تجاه أديبهم العظيم شكسبير أيضاً، فلم يجرؤ أي مسرحيّ من مسرحييهم -وما أكثرهم!- على القول بأن مسرحه أفضل من مسرح شكسبير، الذي ظهر منذ أكثر من أربعة قرون؛ عدا برناردشو. وأرجو ألا تحتجّ بمثال برناردشو، فقد اشتهر ببراعته بالفكاهة في تصريحاته، واعتبر الانجليز تصريحه هذا من باب الفكاهة! إن مرجع تقييم الشعوب لكتّابها الروّاد إلى كونها شعوباً متحضرة (واسمح لي أن أقول ذلك)، وبالتالي فهي تقدّر كتّابها الروّاد حق قدرهم. فهل في رأيك أيها القارئ الكريم أننا نبزّ تلك الشعوب من حضارتنا (أقصد في الزمن الحاضر طبعاً وليس في الزمن السالف، فقد كنا نبزّهم في ذلك فعلاً ولا أدري لماذا ظللنا لذلك الزمن!). ما الذي يدعوني -إذن- للإشادة بزيد مطيع دماج أو بمحمد عبد الولي، ما دام الخالق قد خلق في الجيل الجديد من قد تفوّق عليهما؟ ليكن! قد يكون الخالق العظيم قد خلق من تفوّق عليهما في الزمن الحالي في ميدان الأدب القصصي، وهذا أمر لا يهمني في قليل أو كثير، فأدب زيد مطيع دماج ما يزال يحتل مكانة مرموقة لديّ، ذلك أن أدبه يمسّ شغاف قلبي، فأدبه من نوع الأدب الذي يخاطب الجوانب المضيئة في قلب الإنسان، الأدب الذي يبشر بعالم أفضل للمستضعفين الذين لم يجرّبوا من الحياة سوى جانبها المظلم، الأدب الذي يقاوم التعسف والظلم والطغيان، وهذا هو الأدب الذي أحبُّه، فنحن في قارب واحد يا أخي زيد! فأنا مثلك أحاول أن أبشِّر في أدبي بالوجه المشرق من الحياة، الوجه الذي يتجاوز هذا العصر الحالك الذي يتخبط فيه المسحوقون في أسر كمّاشة هائلة من الشراسة والجبروت، والتي تحاول بكل ما تملك من سلطان أن تدفنهم وهم أحياء، أن تحجب عن أعينهم نور الشمس وهم في عزّ النهار، أن تحرمهم من حريتهم وهي أغلى ما يملكون، أن تهدر كرامتهم الإنسانية... هكذا كانت صيحتك في روايتك الرائعة "الرهينة"، وفي كل قصصك الأخرى، التي أمدت التاريخ بأصدق سجلّ لعهد الظلام في اليمن. ولولا جهود أمثالك من الكتّاب لنسيت الشعوب ما ذاقته على يد طغاتها من ظلم وتعاسة وحرمان. أفلا يقال إن الأدب الصادق هو لسان الشعوب؟ فطوبى لأدبك أيها الإنسان المتميز بخُلقه وأدبه! وعذراً لك أيها القارئ الكريم عن إطالتي، فلم أكن أقصد إثارة الملل في نفسك، وكل ما في الأمر أن الحديث ذو شجون كما يقولون، والحديث عن زيد دماج الإنسان والكاتب يطيب لقلبي ولنفسي معاً.
|