همدان دماج

 

 صباح نيكول الجميل

 

مرَّ…

أشارَ إلينا الزمنُ

ونادى

من وراء زجاجةِ الكون

الذى غَسلتهُ نيكول

هذا الصباح

* * *

منذُ الوهلةِ الأولى، 

الهمسةِ الأولى،

لفجرٍ صارَ يحبو

نحو وجهِ الشمس

يأتي غيثُ نيكول

يكنسُ الخدرَ المبعثرَ

في رواقِ العمرِ

وما عبثت به اللحظاتُ

في الغرفِ النائمة...

 

 

* * *

ترتبُ نيكولُ ساعاِتنا

ووجه الصباح

تعيدُ تشكيلَ البدايةِ

ما أضاعتهُ جدرانُ السكونِ

من الحروفِ..

ومن الأغاني

تُعيدُ للألوانِ أسرارها

وتمسح أوساخَ يومٍ

مضى

لا يعود

* * *

من تكون

 يا ترى نيكول...؟

هذا الصفاءُ الأنثويُّ

أفقدَه الحنينُ

ملحَ الصبايا

وأوقدَ في صدرها

الألغازْ

* * *

للخريفِ أن يستأنسَ

ما أسقطتهُ نيكول

من الدمعِ...

للفضاء أن يتسع

لصمتها..

لبوحها المنسوج شوقاً

وأغنيةً

للبلاد البعيدة

* * *

تطهو نيكول حنينها

حلماً.. وحكايات

يتناغم صوتهُا

عن ضحكةٍ

عن دمعةٍ

عن ما أراد القلب من وجعٍ...

وعن زمنٍ

رَسمته في فنجانِ قهوتها الصباحية

تُحركه أناملها...

تـقـبَّلهُ

فيهتزُ جسدي النحيل

لتمرجح

ملعقة الشاي

* * *

لماذا يداهمني طيفُها..؟!

يحدثني

عن أشياء أجهلُها

يقَّشر لي

فاكهةَ الحلم

وما أخفته النوافذُ

عن قمري الحزين...

وأسأل نفسي:

لماذا يداهمني طيفها..؟!

ينـثرُ في مخيلتي

حنيناً غامضاً

وفي سريري

يزرعُ الأوهام

* * *

يلحُّ

يشيرُ إلينا الزمنُ

ويصرخُ

يلدغُنا عقربُ الوقتِ

- (( إلى اللقاء ))

تودعنا نيكول

في طرف الممر

فتضيقُ حناجرنا

ويضيقُ الكونُ

تهرولُ أقدامنا

نحو الغموض

* * *

تنهي نيكول أعمالها

تقفلُ أبوابَ عزلتنا

تسلّمُ مفاتيحَ البناية

وترحلُ

نحو البعيد

* * *

تتمرجحُ خطواتنا

في الضياع

تحشو الساعاتُ رأسي

بآلافٍ من الكلمات

ونسيلُ في رئةِ المدينة

خطوطاً تتقاطعُ

على شارع ضيقٍ

للروحِ

وأرقاماً تتناثرُ

في وجهِ الدهشة

تبحثُ عن الصفر

في وقع التسارع

وعن قلبٍ

حاصَرهُ الغروب

* * *

في طُرقِ المتاهة

أسترقُ من الفراغ

ما شاء لي الحلمُ

من وهنٍ

أتوه في نفسي التعبى 

أبعثر الآهاتِ:

كم وتراً

على جسدي تمزق

وأنا أرقبُ الفاصلَ السرمدي

 بيني

وبينكِ..؟

* * *

أعودُ

يعودُ المساءُ

ونعودُ كما كُنا

شموعاً يصهرنا الانتظارُ

لنيكلول

كي تفَتّقَ للندى

صبحاً جديداً

كي تمسحَ أتربةَ الحزنِ

عن أحلامنا

كي تكنسَ ما علقَ في رغبتي

من رمادٍ

أو أنـينْ

كي تغسلَ زجاجَ العـــين

مرةً أخرى

وتشعلُ في صدرنا

قهوةَ

         الذكريــــات

1995