المثقفون اليمنيون وعبء المسؤولية

بقلم: د. عبد العزيز المقالح

 

عزيزي الأخ الاستاذ زيد مطيع دماج: صباح الخير، وبعد، اسمح لي أن أذكرك بأن يوم الرابع عشر من يناير يوافق الذكرى العاشرة لرحيل والدنا المناضل مطيع دماج، وأن الأعوام تجري والكتاب الذي كان متفقاً أن يصدر عنه في الذكرى العاشرة ما يزال في انتظار المراجعة الأخيرة، لماذا؟ إن ملايين القراء في اليمن وغير اليمن سوف يسعدهم أن يقرؤوا صفحات عن حياة مناضل خرج من القرية معلنا غضبته علي أبشع نظام تخلف في حياة البشر في وقت كان الصمت فيه راية الشعب، وكان الظالمون يأكلون لحمه ويمتصون عظامه، وكان الحاكم فيه يقوم بدور حفار القبور.

يا أخي.. إن مطيع دماج ذلك الرائد الخارج في بداية الأربعينيات من القرية اليمنية معلنا قرب نهاية عصر الإقطاع الفكري ليس ملك أبنائه أو أي من أفراد أسرته وإنما هو ملك كل اليمنيين شأنه شأن بقية الأحرار والرواد الذين تصدوا لمواجهة الطغيان الإمامي في عنفوان تسلطه، ومن حقه ومن حق كل مناضل أن يحضى بالتقدير بعد وفاته وأن يعرف الناس فصولا من كفاحه وهو أقل ما ينبغي أن تقوم به الأجيال الحاضرة إزاء الراحلين من الرواد والمناضلين.. وواجب القرية التي بدأت تخرج من ظلام القرون الوسطى وتسعى إلى إقامة كيانها المعاصر والحديث واجبها نحو مطيع دماج ينبغي أن يكون أكثر من واجب المدينة فقد كان صوته أبرز الأصوات القادمة من الريف والخارجة من سكون القرية، وكانت حركة الثورة التي بدأت علي استحياء وفي خوف من الإرهاب في المدينة مع أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينيات كانت تنتظر دعم الريف وانتفاض القرية، وكان لا بد أن تبدأ من هناك حملات التوعية مستهدفة تحطيم مشاعر الخوف قبل أن يفتح الشعب ذراعيه لاحتضان فكر الثورة والإطاحة بالنظام الجائر، وقبل أن تولد قوى جديدة في المدينة والريف تواصل الثورة وتسعى إلى بناء عالم جديد علي أنقاض ذلك العالم العتيق.

وقد نهض مطيع دماج بمهمة التوعية في الداخل والخارج وكانت بداياته تساؤلات صارخة وعلنية: أين التعليم لي اليمن؟ أين الحرية في اليمن؟

وكانت تلك التساؤلات بداية اشتعال النار التي أحرقت السفينة القديمة، وإذ ما لبث الضوء أن اكتسح المدائن والقرى ولامس صوت الثورة القلوب والعقول، فأين الكتاب الموعود؟

نحن جميعاً في الانتظار، وأخشى أن أقول لقد طال الانتظار!!